لم تهتم أغلب النماذج اللسانية برصد ظواهر التوليد الدلالي، فعوجت بعض قضاياه في ملاحظات متفرقة، أو في مباحث «أسلوبية» أو «بلاغية» منفصلة عن أية نظرية دلالية واضحة. لكن اهتمامات متأخرة بالقضايا الدلالية عموما من جهة، وبالعلاقة بين ما هو دلالي وما هو تصوري من جهة أخرى، أصبحت تسمح ببلورة فرضيات أقوى في هذا المجال. ويعتبر هذا البحث مساهمة في رصد التراكيب الدلالية المولدة، و العلاقات الدلالية بين الوحدات المعجمية، بما فيها علاقة التعدد الدلالي، انطلاقا من ارتباط التوليد الدلالي بالإبداعية التي تعتبر خصيصة جوهرية للقدرة اللغوية، ومن أن قدرة المتكلمين على توسيع معنى الوحدات المعجمية عن طريق تحويلات استعمارية أو نقول كنائية، تعتبر جزءا لا يتجزأ من قدراتهم اللغوية. ومن جملة ما يترتب عن ذلك أن بعض المقولات البلاغية التي تبلورت تقليديا في إطار تصورات معيارية وغير نظرية، أصبحت مفاهيم دالة لسانيا يتحدد ورودها في التعالق بين ما هو دلالي وما هو تصوري داخل نظرية دلالية محددة.